الإشاعة ونظام التقاعد!
يبدو أن اتخاذ القرارات الأخيرة المتعلقة بخفض بعض المزايا لموظفي القطاع العام وإلغاء الأخرى منها، أحدث ردود فعل غير طبيعية لدى الكثير من موظفي الحكومة، منها التوجس من «المُقْبل»، وخصوصاً ما يثار حول تغيرات حول نظام التقاعد، لا سيما رفع السن التقاعدي، ونسبة الاشتراك المستقطع من راتب الموظف، ونسبة التقاعد التي سيحصل عليها الموظف عندما تنتهي خدمته. وإن صحت فالأغلبية ترى أنها تكون مجحفة بحقهم، ونحن نعرف أن الكثير منهم يتقاضي راتباً أساسياً لا يفرق كثيراً لو أنه تقاعد الآن ولم تطله التغيرات المقبلة، وهذا ما حدث.
فالكثير من الموظفين قدموا تقاعداً مبكراً ومضوا، وقد تكون هناك أسباب أخرى وراء ذلك، ففي ظل الإشاعات المتداولة، خصوصاً في مواقع التواصل الاجتماعي حول الانتهاء من نظام جديد للتقاعد المدني والعسكري، وفي ظل عدم توافر المعلومة الرسمية من الجهات الرسمية، خصوصاً من مصلحة معاشات التقاعد حول هذه الدراسة أو النظام الجديد. فالبعض من الموظفين لا يحبذون أخذ المخاطرة في احتمال تعرض معاشهم التقاعدي للتغيّر والنقصان، وهم من عملوا عشرات السنين وخططوا لحياتهم بعد ترك الوظيفة على راتبهم التقاعدي، ومن يعرف دهاليز موظف الحكومة فإن السنوات الخمس الأخيرة من خدمتهم يكون الموضوع محور نقاشهم اليومي عن استحقاقاتهم التقاعدية، ويحسبونها بالريال و«الهللة».
التوجه الاقتصادي الجديد في المملكة يبدو أنه يأخذ بتوصيات من مؤسسات اقتصادية دولية وخاصة، تهندس رؤية المملكة، ومن ضمنها تقليص الجهاز البيرواقراطي الحكومي المتضخم، والذي تقدره بعض الأرقام الرسمية بنحو 1.2 مليون موظف مع قلة في الإنتاجية، وما يمثله هذا الرقم من أعباء مالية على الحكومة تقدر بالبليونات، فلا يعقل أن يكون لدينا بطالة مع وجود 11 مليون أجنبي، وقد يكون من أهداف الخطة الاقتصادية الحكومية الدفع بقوى العمل الوطنية للقطاع الخاص مقارنة بالمزايا التنافسية للقطاع العام.
حقيقة لا توجد معلومات مؤكدة حول هذه المواضيع، ولكن الأكيد أن الآلاف من الموظفين ضحوا بمزايا مالية كانوا سيحصلون عليها نهاية خدمتهم لو استمروا فيها، وهذا باعتقادي إجحاف بحقهم، وأعتقد أننا في ظل هذه الهيكلة الاقتصادية العنيفة يجب أن نقدّر من خدموا وأفنوا أعمارهم في خدمة وطنهم في كل المجالات، وأن يشعروا بالأمان في هذه المرحلة العمرية. في الختام لا نريد إرجافاً في هذا الموضوع، ونطلب مزيداً من الشفافية من الجهات الرسمية، وعلى رأسها مصلحة معاشات التقاعد أو الجهة التي تدير اقتصادنا الوطني.
نقلا عن "الحياة"
لا يوجد تعليقات